ذات صلة

آخر الموضوعات

عشرة آلاف شجرة تزين أحياء المزة في حملة تشجير جديدة بدمشق

تنفّذ مديرية الحدائق في محافظة دمشق حملة تشجير جديدة...

افتتاح محطة زبدين لمعالجة مياه الصرف الصحي في ريف دمشق

افتتح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ​​بدعم من صندوق...

جفاف نهر العاصي يفاقم معاناة المزارعين بمحافظة إدلب

أدى الجفاف الكامل لنهر العاصي في منطقة جسر الشغور...

إطلاق مشروع “القرض الحسن” لدعم زراعة القمح في سوريا

أعلنت وزارة الزراعة السورية إطلاق مشروع “القرض الحسن” لزراعة...

تعاون بين “أكساد” و “الآغا خان” لمواجهة التحديات البيئية والزراعية في سوريا

وقّعت منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة...

الساحل السوري.. أشجار الزيتون مهددة بالانحسار

يعاني قطاع الزيتون في الساحل السوري من تحديات متزايدة منذ عام 2011، مما أثر بشكل مباشر على معيشة آلاف العائلات التي تعتمد عليه كمصدر دخل رئيسي. وقد ازدادت أهمية حضوره في حياة السوريين بعد اندلاع الثورة وما تلاعها من صراع مسلح. لكنه، في الوقت نفسه، دخل مرحلة جديدة من التراجع والتحديات.

من يملك الزيتون لا يجوع

يؤكد أبو أحمد (65 عامًا)، وهو أستاذ متقاعد من ريف طرطوس، أن “من يملك الزيتون لا يجوع”، مشيرًا في حديثه لـ”الترا سوريا”، إلى أن الزيت والزيتون كانا يؤمنان الغذاء ويغنيان عن شراء العديد من السلع. ويضيف: “لقد علمت أولادي من خير أشجار الزيتون، وكنا نعتمد عليه بشكل أساسي مع تدهور الوضع المعيشي”.

أما أبو ياسر (57 عامًا) فيقول لـ”الترا سوريا”: “عندما كانت أبواب التصدير تُفتح ويبدأ التجار بشراء الزيت، فإن سعر بيدون الزيت، وزنه 17 كيلو غرام، كان يترواح بين 70 و110 دولارات، علمًا أن هذا السعر يكون في أوقات محددة من السنة أما في باقي الأوقات فيكون بين 50 و70 دولارًا”.

ويضيف: “أملك حوالي 110 شجرات زيتون، وأنتج وسطيًا كل سنة نحو 24 بيدون زيت، ويزيد عن حاجتي المنزلية نحو 13 بيدون، أي كنت أستطيع بيع بيدون كل شهر بمئة دولار ما يعادل ثلاثة أضعاف راتب الموظف الحكومي”.

ولم تقتصر فائدة أشجار الزيتون على صاحبها، بل كانت تؤمن فرص عمل للعديد من الأسر، فالفلاح الذي يملك أعدادًا كبيرة من أشجار الزيتون كان يستعين بعمال من أجل القطاف، وقد تراوحت أجرة العامل بين 100 ألف و150 ألف ليرة سورية يوميًا في الموسم الماضي، أي ما يعادل حينها بين 7 و10 دولارات. لكن مع تراجع أسعار الزيت، أصبح من غير المجدي الاستعانة بعمال، مما حرم عددًا كبيرًا من الأسر من مصدر رزق.

الزيتون في أزمة حرجة

مع سقوط نظام الأسد وتوقف حركة العمل بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في الساحل، أصبح الزيت هو مصدر الرزق الوحيد، ما اضطر الفلاح لبيع كميات أكبر منه، لكن سعر بيدون الزيت تراجع بشكل ملحوظ. وفي هذا الصدد، يقول أبو أحمد: “لقد استغنى عني صاحب المكتبة التي كنت أعمل بها بعد التقاعد بسبب ضعف الحركة الشرائية، فأصبحت شجرة الزيتون مصدر رزقي الوحيد”. ويضيف: “لقد تراجع سعر بيدون الزيت إلى النصف تقريبًا مترافقًا مع تزايد تكاليف المعيشة بشكل كبير بعد تحرير أسعار المحروقات والخبز”، ويرجح أبو أحمد أن سبب انخفاض سعر الزيت في الساحل هو إغلاق أبواب التصدير.

ويعبر أبو ياسر عن استيائه من وضع الزيتون، ويقول إنه غير قادر حاليًا على المغامرة وبيع بيدون زيت واحد، إذ لم يبق لديه سوى “مونة البيت” فقط، مع انعدام أي مصدر للدخل، على حد تعبيره. ويضيف: “السنة الماضية كان الموسم ضعيفًا جدًا والسنة القادمة لا تبشر بالخير أبدًا، بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار هذه السنة”.

قلة الإنتاج ليست وحدها التي قلصت من دور أشجار الزيتون بوصفها مصدر رزق في الساحل، بل الحرائق السنوية التي التهمت مئات الأشجار، في آخر ثلاث سنوات، كان لها دور كبير أيضًا، وفي هذا الصدد يقول أبو محسن (68 عامًا)، من ريف اللاذقية: “لقد خسرت في آخر ثلاث سنوات حوالي الثلث من أشجار الزيتون جراء الحرائق، عدا عن الأشجار التي تضررت وأصبح إنتاجها ضعيفًا”، ويضيف: “آمل أن تكون هذه السنة استثناء وتمر من دون حرائق”.

شجرة الزيتون ركيزة أساسية للاقتصاد السوري وأحد سبل التعافي الاقتصادي لسوريا، ووفقًا لوكالة “سانا”، احتلت سوريا المركز السابع في إنتاج زيت الزيتون عام 2018 بعد أن كانت تحتل المرتبة الرابعة عام 2004 بإنتاج 200 ألف طن سنويًا، لكن مع اشتداد الحرب في سوريا تراجع الإنتاج في موسم 2023/ 2024 ليصبح 49 ألف طن.

لقد مرت أشجار الزيتون في الساحل السوري بالكثير من الانتكاسات خلال الحرب السورية. لكنها الآن وكما يقول الكثير من الفلاحين “في حالة موت سريري”، وأصبح من غير المجدي تسميدها، لذا لا بد من دعم الحكومة السورية الجديدة للزراعة والاطلاع على مشاكل الفلاحين والعمل على حلها وتسويق زيت الزيتون وتصديره للخارج، ولا بد أيضًا من تشكيل نقابات وهيئات فلاحية تعبر عن صوت الفلاحين وتوصل مطالبهم للجهات الحكومية.

علي محمد برهوم – ألترا سوريا


اكتشاف المزيد من بيئة سوريا

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

بيئة سوريا
بيئة سورياhttps://env.sy/press
وطن أخضر للجميع