بعد مرور عام على التغيّرات الكبيرة في المشهد السياسي السوري، تظلّ الاحتياجات الإنسانية في سوريا في مستويات خطيرة، وفقاً لمنظمة “كير” (CARE) الدولية، التي أصدرت بياناً تحذّر فيه من خطر تراجع خدمات الإغاثة في ظل نقص التمويل الدولي، رغم الدمار الواسع الذي لا يزال يعيق الحياة اليومية لملايين المدنيين.
تُظهر أحدث البيانات أن نحو 16.5 مليون شخص – أي ما يقرب من ثلثي السكان – يعتمدون بشكل مباشر على المساعدات الإنسانية لتأمين الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، مع تمويل ضئيل لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، التي لم تُمول سوى بنسبة 29% فقط مع اقتراب نهاية العام.
وأشار ديفيد ماكدونالد، مدير برنامج سوريا في كير، إلى أن «الواقع اليومي لم يتحسّن بالنسبة لغالبية السوريين، وتبقى الاحتياجات الأساسية بعيدة عن التلبية، في ظل انحدار الخدمات وارتفاع الأسعار بشكل مستمر».
النازحون والعودة غير الكاملة
برغم تسجيل عودة أكثر من 1.2 مليون لاجئ سوري من دول الجوار، إلى جانب نحو 1.9 مليون نازح داخلياً، إلا أن أكثر من 1.2 مليون شخص لا يزالون يعيشون في مخيمات ومساكن غير رسمية، أغلبهم من النساء والأطفال، غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب الدمار الواسع ونقص الخدمات الأساسية وضعف الأوضاع الأمنية.
وتتسم حياة العائلات في المخيمات بالصعوبات المزمنة، إذ تقول فوزية (52 عاماً)، نازحة في ريف حلب الشمالي: «كل عام أصعب من العام السابق. ترتفع الأسعار، وتنخفض المساعدات، ويصبح الأمر صعبا فقط لتلبية الاحتياجات الأساسية. لكنني أستمر في المضي قدما لأنه ليس لدي خيار آخر.. حتى الضروريات البسيطة أصبحت بعيدة المنال. الناس متعبون، متعبون جدا.”».
استجابة المنظمات والتحديات البيئية والاجتماعية
على الرغم من التحديات، فإن التغيرات التي جرت في العام الماضي خلقت فرصاً جديدة لبرامج أكثر تماسكاً وتنسيقاً.
عززت منظمة “كير” قدرتها على الوصول إلى المتضررين من الأزمات في مختلف مناطق سوريا، من خلال العمل مع شركاء محليين لتقديم مساعدات منقذة للحياة، وخدمات حماية، ودعم التعافي المبكر وسبل العيش. منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024، وصلت منظمة الرعاية الصحية وشركاؤها إلى أكثر من 1.72 مليون فرد فريد في جميع أنحاء سوريا من خلال برامج إنقاذ الحياة وبرامج التعافي المبكر. يشمل هذا الدعم:
الوصول إلى المياه النظيفة، والصرف الصحي، وخدمات النظافة لأكثر من 1.16 مليون شخص، بما في ذلك العائلات النازحة التي تعيش في المخيمات والمستوطنات غير الرسمية.
استعادة سبل العيش واستعادة السوق والبنية التحتية لأكثر من 295 ألف فرد، مما يساعد العائلات على استعادة الدخل وبناء مرونة المجتمع.
خدمات الحماية لأكثر من 28500 امرأة وفتاة متأثرين بالأزمة، مما يضمن مساحات آمنة، ودعم اجتماعي، ومسارات إحالة.
الخدمات الصحية الأساسية لـ 2700 شخص، مما يحسن الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية والإنجابية.
المساعدة النقدية والدعم العيني لأكثر من 219 ألف فرد، مما يساعد العائلات في تلبية احتياجات الطعام والمأوى والاحتياجات الأساسية العاجلة.
خدمات إعادة تأهيل الملاجئ وتحسين الموقع لأكثر من 5 آلاف شخص، مما يحسن السلامة والخصوصية وظروف المعيشة في مواقع النزوح.
تبرز الأبعاد البيئية بشكل واضح في هذه الأزمة، إذ أن تراجع خدمات المياه والصرف الصحي في المخيمات والمناطق المتضررة يفاقم خطر انتشار الأمراض ويزيد من الضغوط على النظم البيئية المحلية، مما يستدعي إجراءات مستدامة لتعافي المياه والبيئة في المرحلة القادمة، ويشير ذلك إلى ضرورة تضافر الجهود بين الجهات الإنسانية ووكالات البيئة لتعزيز البنية التحتية الضعيفة وتخفيف المخاطر الصحية والبيئية.
دعوة للاستجابة الدولية المستمرة
تدعو كير المجتمع الدولي إلى تأمين تمويل مستدام وعالي الجودة لدعم المنظمات المحلية والنساء القائدات في تقديم خدمات حيوية وحماية كرامة المتضررين وتهيئة الظروف المناسبة لبدء التعافي. «الصمود وحده لا يكفي… هناك حاجة ماسة لاستمرار الدعم الدولي فالتمويل المستمر وعالي الجودة، بما في ذلك المنح التي تصل مباشرة إلى المنظمات المحلية والمنظمات التي تقودها النساء، ضروري للحفاظ على الخدمات الحيوية ودعم كرامة الناس وتعافيهم»، كما قال ماكدونالد.
بيئة سوريا
منظمة كير
اكتشاف المزيد من بيئة سوريا
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
