الموقع لا يزال قيد الإنجاز - الموضوعات والمقالات المدرجة في الموقع تجريبية وعرضة للتغيير أو الإزالة في أي وقت

ذات صلة

آخر الموضوعات

ظاهرة “العجاج” في دير الزور.. حين يصبح الغبار هواءً يوميًا

لم يعد "العجاج" في مدينة دير الزور مجرد مشهد...

الجزيرة السورية.. من تراجع الزراعة إلى خطر الأمن الغذائي

تحت غطاء بلاستيكي مهترئ في منطقة الجزيرة السورية، ينحني...

خطا غاز وكهرباء بين تركيا وسوريا قريباً

أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، الجمعة 2...

زراعة دمشق وريفها: تشجيع الاستثمار في القطاع ‏الزراعي

تعمل مديرية زراعة دمشق وريفها، على معالجة الصعوبات التي...

تراجع حاد في محصول القمح.. شبح الجفاف يخيم فوق الجزيرة السورية

يصر المزارع صالح عبدو (60 عامًا)، والذي زرع نحو 15 هكتارًا بالقمح والشعير في ريف القامشلي، على حماية محاصيله وسقايتها، مع أنه لا يتوقع أرباحًا من الموسم الحالي، نتيجة الجفاف والتغير المناخي.

ويترافق الجفاف هذا العام مع ارتفاع أسعار المحروقات ومستلزمات الزراعة والسقاية في مناطق شمال شرقي سوريا، وهو ما أثر سلبًا على المساحات المروية أيضًا، لأن غياب الأمطار يعد عنصرًا حاسمًا في ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي، الأمر الذي أثقل كاهل المزارعين بمزيد من الأعباء.

يعتمد السكان في منطقة الجزيرة السورية على الأراضي الزراعية بالدرجة الأولى لتحصيل مواردهم الاقتصادية، إلى جانب تربية المواشي، لأنها مناطق زراعية بامتياز وكانت تتميز بتنوع غطائها النباتي ومحاصيلها الزراعية وخصوبة تربتها ووفرة مياهها السطحية والجوفية، إلا أن التغيرات المناخية والعوامل الجيوسياسية (بعد العام 2011) باتت تهدد مستقبل الزراعة في هذه المنطقة.

ويعد القمح والشعير والقطن والنباتات العطرية، من المحاصيل الزراعية الأساسية في الجزيرة، ويحتل القمح المرتبة الأولى من حيث المساحة المزروعة وكمية الإنتاج، بالإضافة إلى كونه محصولًا استراتيجيًا يدخل في نظام الأمن الغذائي، لكن الإنتاج تراجع بعد تقلص مساحات الأراضي المزروعة بسبب توالي سنوات الجفاف وارتفاع تكاليف إنتاجه.

خسائر كبيرة في الأراضي البعلية

يقول المزارع صالح عبدو لـ”الترا سوريا” إن “معظم أهالي المنطقة كانوا يعتمدون على الزراعة لتأمين المدخول لعوائلهم، إلا أنهم أصبحوا في ظل التغير المناخي يتعرضون للخسائر.. والمزارعون الذين يعتمدون على مياه الأمطار في ري أراضيهم تكبدوا خسائر كبيرة هذا العام بسبب شح الأمطار”.

ويضيف: “معظم الحقول المحيطة بقريتي والقرى المجاورة باتت قاحلة، بعضها لم تنبت أي زرع، وبعضها عزف أصحابها عن زراعتها من الأساس، بعدما كانت خضراء ووفيرة بخيراتها قبل سنوات”.

هذا هو حال الكثير من الحقول الزراعية في مناطق الجزيرة شمال شرقي سوريا، ما يعود بآثار سلبية على الاقتصاد والمزارعين ومربي المواشي، ويتسبب بتغيير في أنماط الحياة في هذه الرقعة الجغرافية.

تتضاعف التكاليف مع قلة هطول الأمطار

وتشهد منطقة الجزيرة العام الحالي ارتفاعًا في تكاليف الزراعة وفق ما قاله ممدوح تيجو، وهو مزارع من بلدة ديرك أقصى شمال شرقي سوريا، موضحًا أن “تكلفة زراعة الدونم الواحد من القمح وصلت إلى أضعاف تكاليف العام الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات ومستلزمات السقاية”.

ويضيف تيجو في حديثه لـ”الترا سوريا”: “تكلفة الدونم الواحد من القمح المروي في منطقة الجزيرة تصل وسطيًا إلى أكثر من 75 دولارًا أميركيًا، متضمنًا تكلفة الفلاحة والبذار والتسميد والمكافحة بالإضافة إلى تكلفة الري والتي تختلف من مزارع إلى آخر، حسب نظام الري لديه سواء بالطاقة الشمسية أو مولدات الديزل”.

ويضيف: “على فرض أن الإنتاج يكون وسطيًا 200 كغ للدونم الواحد ما يعني أن كل هكتار يعطي إنتاج 25 كيسًا، حسابيًا كل كغ قمح يكلف المزارع 0،36 دولار”.

بدوره، يشير محمد المفتاح، وهو مربي مواشي من أبناء ريف القامشلي، إلى تأثير الجفاف وشح الأمطار على مربي الثروة الحيوانية، قائلًا: “إن معظم المربين لم يعد باستطاعتهم تحمل تكاليف الرعي، نتيجة تقلص مساحات الرعي وارتفاع أسعار الأعلاف، مما يضطرهم لبيع مواشيهم بأسعار زهيدة، إذ ان التغير المناخي أثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي والحيواني على حد سواء”.

ويقول المهندس الزراعي غسان إبراهيم، من القامشلي، إن “مسألة التغير المناخي ليست جديدة ولا تقتصر على منطقتنا فقط، بل تمتد لتطال الشرق الأوسط والعالم، مما يؤدي إلى انخفاض غلة المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية كالخبز والأجبان والألبان”.

ويضيف في حديثه لـ”الترا سوريا”: “قد نواجه أزمة عميقة بفعل ندرة الأمطار والجفاف وموجات الحر والتي ستتسبب أيضًا بعزوف العديد من المزارعين في المواسم المقبلة، فيما قد يتوجه البعض الى الزراعة المروية الباهظة التكاليف، فضلًا عن تأثيرها السلبي على قلة المياه الجوفية حيث سيعتمد المزارعون على مياه الآبار في سقاية محاصيلهم، هذا في حال حصولهم على التراخيص من قبل الجهات المعنية، خاصة إذا كان التوجه لاستخدام هذه المياه كبيرًا”.

ويتابع: “هذا سوف يعرض المنطقة لإجهاد مائي، إذ وفق تقارير حالة المناخ العالمي فإن المشكلة إذ لم تُعالج ستكون آثارها وخيمة، لا سيما في المناطق التي يعتمد سكانها على الزراعة لتأمين سبل العيش”.

وتواجه منطقة الجزيرة السورية، والتي توصف بأنها السلة الغذائية للبلاد، جفافًا غير مسبوق. وبين عامي 2011 و2024، تراجع إنتاج محصول القمح الاستراتيجي، الذي يعد شريان الحياة لملايين السكان، من أكثر من 4 ملايين طن للموسم إلى نحو مليون و200 طن فقط خلال المواسم الأخيرة، وفق تقارير رسمية.

هيلين علي – ألترا سوريا

بيئة سوريا
بيئة سورياhttps://env.sy/press
وطن أخضر للجميع