ذات صلة

آخر الموضوعات

عشرة آلاف شجرة تزين أحياء المزة في حملة تشجير جديدة بدمشق

تنفّذ مديرية الحدائق في محافظة دمشق حملة تشجير جديدة...

افتتاح محطة زبدين لمعالجة مياه الصرف الصحي في ريف دمشق

افتتح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ​​بدعم من صندوق...

جفاف نهر العاصي يفاقم معاناة المزارعين بمحافظة إدلب

أدى الجفاف الكامل لنهر العاصي في منطقة جسر الشغور...

إطلاق مشروع “القرض الحسن” لدعم زراعة القمح في سوريا

أعلنت وزارة الزراعة السورية إطلاق مشروع “القرض الحسن” لزراعة...

تعاون بين “أكساد” و “الآغا خان” لمواجهة التحديات البيئية والزراعية في سوريا

وقّعت منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة...

سوريا تحت وطأة الجفاف.. تدهور كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية

شهدت سوريا في عام 2025 تدهورًا كبيرًا في إنتاج المحاصيل الزراعية، نتيجة لتضافر عدة عوامل مناخية واقتصادية وأمنية. وأدى انخفاض كميات الأمطار خلال فصل الشتاء، مع موجات الجفاف المتكررة وارتفاع درجات الحرارة، إلى تراجع إنتاج القمح والشعير بشكل خاص، وهما من المحاصيل الأساسية في الأمن الغذائي للبلاد.

تأثرت المحاصيل الزراعية بالتغيرات المناخية إلى حد بعيد، وسجلت التقارير المناخية انخفاضًا في هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالسنوات السابقة، ما أدى إلى جفاف الأراضي الزراعية.

وتوقعت الأرصاد الجوية استمرار ارتفاع درجات الحرارة في فصول الصيف، ما سيؤثر بشكل مباشر على نوعية المحاصيل ويزيد من مستويات الجفاف.

“هذه سنة محل”، بهذه الكلمات يعبّر محمد خير العبد الله، وهو مزارع من شمال سوريا، عن وضع موسمه هذا العام، حيث زرع آلاف الدونمات من القمح بداية الموسم، ولكن عدم هطول الأمطار بشكل كاف أفسد زرعه.

وقال في حديث لـ”الترا سوريا”: “كنا نعوّل بشكل كبير على هذا الموسم من أجل بيع القمح، وما يأتينا من إيرادات نقوم بصرفه حتى نهاية الموسم، حيث إن مردود الأرض هو مصدرنا الرئيس في المعيشة”.

وأضاف أن معظم السكان في مناطق إدلب وحماة يعتمدون بشكل رئيسي على الزراعة، لذلك فإن خسائر الموسم هذا العام تُقدّر بملايين الدولارات وتهدد بأزمة قمح في سوريا.

في الوقت نفسه، كان للأوضاع الاقتصادية دور كبير في تفاقم الأزمة. ولقد ارتفعت أسعار الأسمدة بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، بينما شهدت أسعار الوقود زيادات متواصلة نتيجة العقوبات الاقتصادية المستمرة على سوريا. هذا الوضع جعل العديد من المزارعين غير قادرين على شراء المدخلات اللازمة لزراعة الأرض، مما أدى إلى انخفاض المساحات المزروعة.

عدم الاستقرار الأمني كان له أيضًا تأثير مباشر على الزراعة في بعض المناطق، ففي العديد من المناطق التي شهدت صراعات مستمرة لم يتمكن المزارعون من الوصول إلى أراضيهم والعمل فيها. كما أن العديد من المزارعين اضطروا للنزوح من مناطقهم، مما قلل من الإنتاجية الزراعية بشكل عام.

تشير الإحصائيات إلى أن إنتاج القمح في سوريا انخفض بنحو 40% مقارنة بالمعدل السنوي المعتاد. وبحسب تقديرات وزارة الزراعة السورية، من المتوقع أن يكون الإنتاج في عام 2025 أقل من 1.5 مليون طن، بينما كان الإنتاج قبل الأزمة يتراوح بين 3 إلى 4 ملايين طن سنويًا. أما محصول الشعير، فقد سجل انخفاضًا يصل إلى 35% مقارنة بالعام الماضي.

بدوره، صرّح الباحث الاقتصادي أدهم قضماني، في حديث لـ”الترا سوريا”، أن العوامل المؤثرة على الاقتصاد السوري، وخاصةً القطاع الزراعي، ستترك أثرًا كبيرًا على الإنتاج الزراعي والمحاصيل المستقبلية. وأكد أن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي لن يتحقق خلال فترة قصيرة، إذ تحتاج المحاصيل إلى دورات زراعية كاملة تشمل الزراعة والحصاد، بالإضافة إلى فترة لاستصلاح الأراضي، وهو أمر يستغرق وقتًا وجهودًا مكثفة.

وأشار قضماني إلى أن تحسين الواقع الزراعي يتطلب عدة عوامل رئيسية، منها الدعم المادي للفلاحين، تزويدهم بالبذور، رفع العقوبات الاقتصادية، تعزيز عمل المؤسسات، وتأمين الكوادر والخبرات اللازمة. كما أكد على أهمية إعادة الفلاحين إلى أراضيهم بعد تهجيرهم، مشيرًا إلى أن الهجرة من الريف إلى المدينة تفاقم الأزمة، خصوصًا مع تعرض العديد من المناطق الريفية للدمار، مما يربط عملية النهوض الزراعي بجهود إعادة الإعمار الشاملة.

أسباب أزمة الجفاف وتأثيراتها

تحدث قضماني عن أزمة الجفاف التي تعاني منها سوريا، موضحًا أن لها عدة أسباب، أهمها الإهمال الزراعي الذي اتبعه النظام الحاكم طوال السنوات الماضية، بما في ذلك خلال سنوات الثورة السورية. وأشار إلى وجود سياسة ممنهجة لتخريب المحاصيل الزراعية، وخصوصًا القمح، في إطار اتفاقيات مع روسيا لتحويل سوريا إلى مركز توزيع للقمح الروسي في الشرق الأوسط، وقد أدى ذلك إلى خلق مشكلات متعمدة في القطاع الزراعي وإبعاد المزارعين عن أراضيهم. وبيّن أن بعض النشاطات المرتبطة بالزراعة كانت تُستخدم لتمرير أنشطة غير قانونية مثل تهريب المخدرات.

وأكد قضماني أن السوريين سيتأثرون بشكل مباشر بهذه الأزمة من خلال ارتفاع أسعار المحاصيل والمواد الغذائية. وأوضح أن الاعتماد المتزايد على الاستيراد بسبب ضعف الإنتاج المحلي سيؤدي إلى تضخم أسعار السلع الأساسية، مما سيضغط على دخل الأفراد حتى مع محاولات رفعه، وذلك بسبب غياب الاكتفاء الذاتي.

وشدّد قضماني على أن الحكومة تتحمل عبئًا كبيرًا في النهوض بالقطاع الزراعي، بدءًا من إعادة الإعمار، مرورًا باستصلاح الأراضي الزراعية، وانتهاءً بمدّ البنية التحتية الأساسية. وأوضح أن كل واحدة من هذه الخطوات تحتاج إلى دراسات وجهود واسعة النطاق.

واقترح الباحث الاقتصادي تشكيل مجالس محلية من أبناء المناطق المتضررة، وخاصة من الفلاحين، لوضع خريطة طريق تحدد الاحتياجات الأساسية لإعادة الحياة الزراعية. وأكد أن توفير التسهيلات والدعم الأولي لهؤلاء الفلاحين قد يمثل بداية لعملية إنعاش حقيقية للقطاع الزراعي.

تحديات إضافية

وفقًا لتقارير منظمات الأمم المتحدة، يواجه حوالي 60% من السوريين حاليًا مستويات متوسطة إلى شديدة من انعدام الأمن الغذائي، وذلك نتيجة لتراجع إنتاج المحاصيل وزيادة الأسعار. وتوقّع الخبراء أن يشهد عام 2025 تفاقمًا في نقص المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والأعلاف.

يطلب محمد الأسامة، وهو مزارع سوري، من الحكومة السورية الجديدة ووزارة الاقتصاد تشكيل لجنة خاصة للنظر في وضع المزارعين وتعويضهم عن مواسمهم التي تضررت بفعل قلة الأمطار هذا العام كخطوة أولى لبناء الثقة معهم.

ويضيف، في حديثه لـ”الترا سوريا”، أن إهمال الحكومة لهذا الجانب، خصوصًا هذا العام، سوف يؤثر على الزراعة خلال الأعوام المقبلة، حيث سيتجه المزارعون إلى مهن أخرى لا تتسبب لهم بخسائر، خصوصًا في ظل عدم وجود اهتمام حكومي.

على الرغم من جهود الحكومة السورية ومنظمات المجتمع المدني في تقديم بعض الدعم للمزارعين، فإن الأوضاع الحالية تتطلب استجابة أكبر. قد يتطلب الأمر توفير المزيد من المساعدات الغذائية والتقنية، فضلًا عن تعزيز مشروعات الري والتوسع في استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة لتحسين الإنتاج.

على المستوى الدولي، تستمر منظمات الإغاثة في تقديم مساعدات للمجتمعات المتضررة، لكن هذه المساعدات تبقى غير كافية لمواجهة الأزمة على المدى الطويل.

أيهم الشيخ

ألترا سوريا


اكتشاف المزيد من بيئة سوريا

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

بيئة سوريا
بيئة سورياhttps://env.sy/press
وطن أخضر للجميع