الموقع لا يزال قيد الإنجاز - الموضوعات والمقالات المدرجة في الموقع تجريبية وعرضة للتغيير أو الإزالة في أي وقت

ذات صلة

آخر الموضوعات

ظاهرة “العجاج” في دير الزور.. حين يصبح الغبار هواءً يوميًا

لم يعد "العجاج" في مدينة دير الزور مجرد مشهد...

الجزيرة السورية.. من تراجع الزراعة إلى خطر الأمن الغذائي

تحت غطاء بلاستيكي مهترئ في منطقة الجزيرة السورية، ينحني...

خطا غاز وكهرباء بين تركيا وسوريا قريباً

أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، الجمعة 2...

زراعة دمشق وريفها: تشجيع الاستثمار في القطاع ‏الزراعي

تعمل مديرية زراعة دمشق وريفها، على معالجة الصعوبات التي...

الأمن الغذائي تحت التهديد.. المزارعون السوريون يواجهون موسمًا بلا حصاد

حذرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية “الفاو” من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في سوريا، مشيرةً إلى توقع انخفاض إنتاج الحبوب في عام 2025 بنسبة 13% عن العام السابق. وتعود هذه التحديات إلى الأوضاع الاقتصادية الهشة، واستمرار النزاع، وتأثيرات تغير المناخ، رغم الانخفاض الطفيف في أسعار المواد الغذائية.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي بأن “نصف سكان سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي نتيجة النزاع والانهيار الاقتصادي وزيادة العنف في الآونة الأخيرة”. كما أشار، عبر منصة “إكس”، إلى أن “أكثر من 7 ملايين شخص لا يزالون نازحين داخليًا، وقد تعرضت البنية التحتية والمنازل والخدمات للتدمير”، مضيفًا أن “هذه لحظة حاسمة بالنسبة لسوريا”.

تأثير الجفاف على الزراعة

قبل الحرب، كانت سوريا تتميز بمناخ متوسطي متنوع، مع توفر مصادر مقبولة من المياه الجارية والمخزنة والجوفية. لكن اليوم، وبحسب تقرير الفاو، تأخرت زراعة الحبوب الشتوية جراء قلة الأمطار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وموجة جفاف مبكّرة، مما أثر سلبًا على المساحات المزروعة والمحاصيل. كما دفع ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية المزارعين إلى زراعة محاصيل أكثر ربحًا، مما زاد من أزمة إنتاج الحبوب.

قال أيوب أبو معتصم، البالغ من العمر خمسين عامًا، والذي يعيش مع عائلته الصغيرة في منطقة الرستن في محافظة حمص: “هي بداية عهد جديد، ونحن نسعى للحفاظ على الموارد التي لدينا”، مضيفًا بابتسامة حزينة: “إنها قضية مهمة، قضية الأمن الغذائي”.

يمتلك أيوب أرضًا مساحتها 8.5 دونم، وقد زرع القمح هذا العام، لكنه أكد أن محصوله تضرر بالكامل، ولم يكن هناك أي إنتاج على الإطلاق. نتيجة لذلك، قرر استخدام الأرض لرعي الأغنام حتى يتمكن من زراعتها مرة أخرى العام المقبل. وأدى الجفاف وقلة الأمطار إلى أن بلغ طول القمح هذا العام 8 إلى 10 سم، بينما كان ينبغي أن يصل طوله إلى نحو نصف متر أو أكثر.

في سياق مشابه، يعيش “محمود علوش” مع تسعة أشخاص آخرين في منطقة السعن الأسود بريف حمص الشمالي، حيث يمتلكون أرضًا صغيرة مساحتها 6 دونمات. تعتمد هذه المنطقة بشكل أساسي على الأمطار الموسمية، ويزرعون فيها المحاصيل التقليدية مثل القمح والشعير، بالإضافة إلى بعض الخضروات مثل الطماطم والخيار. وفي حديثه مع “الترا سوريا”، قال محمود إنه على الرغم من اعتمادهم الكبير على الزراعة البعلية (المعتمدة على المطر)، فقد بدأوا في استخدام الري التكميلي بسبب تكرار حالات الجفاف.

إنتاج الحبوب دون المتوسط

قدّر تقرير “الفاو” أن إنتاج الحبوب في سوريا لعام 2024 سيكون بنحو 3.4 مليون طن، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 13% عن متوسط السنوات الخمس الماضية، و33% عن المعدل الذي كان قبل الثورة السورية عام 2011. يعود هذا التراجع إلى سوء توزيع الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة في نيسان/أبريل وأيار/مايو، وانتشار الأمراض النباتية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المدخلات.

وفي هذا السياق، ذكر أيوب أبو معتصم أنه كان يعتمد سابقًا على الري من الآبار التي تحتاج إلى الكهرباء والطاقة الشمسية، لكن في فصل الشتاء لا تكفي الطاقة الشمسية لري المساحات الكبيرة، كما أن العديد من المزارعين لا يستطيعون تحمل تكاليفها المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، كان يعتمد على المياه من بحيرة قطينة، التي تعاني هذا العام من الجفاف. ويبدأ عادةً زراعة القمح من منتصف تشرين الأول/أكتوبر إلى منتصف كانون الأول/ديسمبر، ويأمل أن تسقط الأمطار خلال أسبوع كي ينمو الزرع، لكن ذلك لم يتحقق. ويقول إنه إذا تحقق له 10% من المحصول هذا العام، مقارنةً بالسنوات السابقة، سيكون ذلك جيدًا.

في إطار مشابه، تحدث “محمود علوش” عن تأثير الظروف المناخية على أرضه هذا الموسم، حيث تأخر هطول الأمطار لأكثر من شهرين عن موعده المعتاد، مما أدى إلى جفاف التربة وتأخر نمو البذور. كما أن الحر الشديد في الصيف يؤثر سلبًا على المحاصيل الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، شهدت المنطقة أمطارًا غزيرة مفاجئة في نهاية الموسم، مما أدى إلى تدمير جزء من المحاصيل الناضجة. وأكد محمود أن هذا العام شهد “موجة جفاف استمرت 8 أشهر”، تلتها أمطار غزيرة خلال أيام قليلة، مما تسبب في تشقُّق التربة وفقدان خصوبتها وانتشار أمراض فطرية في المحاصيل بسبب الرطوبة العالية المفاجئة.

استمرار انعدام الأمن الغذائي

أوضح أيوب أبو معتصم أنه لا يوجد لديه مصدر دخل آخر غير الزراعة. وبعد خسارته للموسم الحالي، يشعر بالقلق بشأن كيفية تدبير أموره، آملاً أن تنزل الأمطار. وأضاف أن الحرب أثرت سلبًا على الزراعة عمومًا في المنطقة، حيث كان نظام الأسد الساقط يقطع المياه عن الرستن من بحيرة قطينة، مما أدى إلى تضرر المحاصيل بشكل ممنهج. يذكر أن أرضه، التي كانت مليئة بالأشجار المثمرة مثل الدراق واللوز والجوز، قد جفت جميعها، وقام باقتلاعها.

وعلى الجانب الآخر، ذكر محمود علوش أن إنتاج القمح تراجع بشكل كبير هذا العام مقارنةً بالعام الماضي، كما أن أشجار الزيتون “التي اعتبرها صامدة” بدأت تنتج ثمارًا أقل حجمًا وجودة. لاحظ محمود تراجع المحصول منذ 5 إلى 6 سنوات في أرضه، لكن التدهور تسارع بشكل ملحوظ في السنوات الثلاث الأخيرة. في السابق، كانت الأمطار تكفي لزراعة موسمين، أما الآن فقد أصبح من الصعب تحقيق موسم واحد فقط.

بعدما كانت سوريا من البلاد التي تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح، وتملك فائضًا للتصدير في السنوات الجيدة، يعاني أكثر من نصف سكانها اليوم من انعدام الأمن الغذائي، حيث يواجه حوالي 9.1 مليون شخص حالة انعدام أمن غذائي حاد. ولا يغطي الحد الأدنى للأجور سوى 18% من تكلفة الغذاء، مما يعكس تدهور القدرة الشرائية. ورغم الانخفاض الطفيف في أسعار الغذاء، يبقى الوضع الغذائي مقلقًا.

المساعدة المطلوبة

يأمل كل من أيوب أبو معتصم ومحمود علوش في الحصول على المساعدة التي يحتاجها كل مزارع، والتي يجب أن تشمل:

الحصول على تعويضات مالية عاجلة من المنظمات الدولية عن خسائر الموسم، لتعويض الخسائر وشراء المستلزمات الزراعية، ليستطيعوا مواصلة عملهم الزراعي.
تأمين تقنيات ري فعالة مثل أنظمة الري بالتنقيط لتوفير المياه.
منح بذور مقاومة للجفاف والحرارة، خصوصًا لمحاصيل القمح والبقوليات.
تأمين الأسمدة العضوية.
إيجاد حلول لتخزين المياه مثل حفر آبار أو بناء خزانات لجمع مياه الأمطار.

خاتمة

تستمر الأزمة الغذائية في سوريا بالتفاقم، لذلك أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، في تقرير سابق، عن خطة لتعافي القطاع الزراعي في سوريا تمتد من 2025 إلى 2027، تهدف إلى دعم 9.8 مليون شخص من الفئات المستضعفة من خلال توفير 286.7 مليون دولار أميركيومع تفاقم الأزمة الغذائية، تبرز الحاجة الملحة لتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لدعم المزارعين الذين يواجهون تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتهم الأساسية. كما أن تنفيذ استراتيجيات فعالة يمكن أن يساعد في تحسين الوضع الزراعي والحد من انعدام الأمن الغذائي.

المصدر: ألترا سوريا

بيئة سوريا
بيئة سورياhttps://env.sy/press
وطن أخضر للجميع