تواجه محافظة السويداء هذا العام أزمة غير مسبوقة في قطاع تربية المواشي، نتيجة شحّ الأمطار وانحسار المراعي الطبيعية، بالتزامن مع ارتفاع كبير في أسعار الأعلاف والمواد البيطرية، ما ينذر بخطر حقيقي يهدد استمرارية هذه المهنة الحيوية ويدفع بمئات المربين إلى الإفلاس أو البيع القسري لمواشيهم.
يقول ليث اشتي، أحد مربي الأغنام، لـ”الترا سوريا”: “ندخل موسمًا قاسيًا دون غطاء نباتي. الأرض جافة، وما تبقى من العشب لا يكفي القطيع سوى بضعة أيام، بينما نتوقع أن تستمر الحاجة إلى العلف لأكثر من عشرة أشهر مقبلة، في ظل أسعار جنونية تفوق قدرة المربين”.
وناشد اشتي وزير الزراعة بالتدخل العاجل “لتقديم الأعلاف على شكل قروض ميسرة، كما حدث عام 1999، حين واجهت المنطقة ظروفًا مشابهة. فنحن على حافة الانهيار”.
وقال المراقب البيطري مازن الجبر: “كلفة تغذية رأس واحد من الغنم خلال الفترة المقبلة قد تتجاوز 1.3 مليون ليرة سورية، في حين أن سعره في السوق لا يتجاوز نصف هذا المبلغ، ما يجعل من المعادلة الاقتصادية لهذه المهنة خاسرة من جميع النواحي”.
وأكد الجبر أن الجفاف أسهم في رفع أسعار الأعلاف بنسبة كبيرة، حيث ارتفع سعر طن العلف المقنن من 1.7 مليون ليرة العام الماضي إلى أكثر من 285 دولارًا، أي ما يقارب 3 مليون ليرة سورية هذا العام، مع قلة الكميات وعدم كفايتها لتلبية حاجة القطاع.
ويضيف: “سعر كيلو الشعير بلغ 4500 ليرة، فيما تراوح سعر كيلو التبن بين 3 آلاف و4 آلاف، في وقت يحتاج فيه الرأس الواحد إلى نصف كيلو على الأقل يوميًا، ما يعني أن المربي مطالب بتوفير أضعاف ما يمكنه تحصيله من إنتاجه الحيواني”.
وتابع الجبر: “الخروف الذي كان يوفّر للمربي 1.5 طن شعير من ثمنه، لا يكاد اليوم يغطي سوى خمس هذه الكمية، وهذا مؤشر خطير على انهيار القيمة الإنتاجية للثروة الحيوانية”.
ورغم توفر بعض اللقاحات المجانية في الوحدات الإرشادية، فإن معظم الأدوية العلاجية تقع على عاتق المربي، وسط ارتفاع كبير في أسعارها، ما يضيف أعباء إضافية على كاهل المربين، ويدفع الكثيرين منهم للتفكير بالبيع الجزئي أو الكلي لمواشيهم.
ويقول الجبر: “اليوم يضطر المربي إلى بيع نحو 70% من قطيعه ليستطيع الحفاظ على ما تبقى منه، وهو ما سيؤدي إلى تراجع كبير في أعداد الثروة الحيوانية في السويداء خلال فترة قصيرة إذا لم تُتخذ إجراءات سريعة”.
في ظل هذا الواقع، يطالب مربو المواشي في المحافظة الجهات الحكومية، والمنظمات المعنية بالقطاع الزراعي والحيواني، بضرورة التدخل الفوري عبر توفير الأعلاف المدعومة، أو تقديم قروض ومنح تساعد على استمرارية تربية المواشي وتخفيف الأعباء عن الأسر التي تعتمد عليها كمصدر دخل أساسي.
عمرو المحيثاوي
ألترا سوريا